التّوحّد هو اضطراب عصبي تطوّري، ينتج عن خلل في وظائف الدّماغ، ويظهر كخلل تطوري أو نمائي في السّنوات الثلاث الأولى من العمر.
وهو من أكثر الأمراض صعوبة بالنّسبة للطّفل وأسرته، كما أنّهُ يؤخّر عمليات الاتّصال والتّعلّم والتّفاعل الاجتماعي.
وقد بدأ التّعرّف على هذا النّوع من المرض منذ حوالي خمسين عاماً على يد الطّبيب ليوكاتر، وتقدر نسبة اصابته بخمس حالات لكل عشرة آلاف من المواليد.على الرّغم من صعوبة تشخيص التّوحّد قبل عمر السّنتين، ولكن تظهر الأعراض بين عمر السّنة والسّنة ونصف.ويساعد الكشف المبكر عند الإصابة في إجراء العلاجات اللازمة المكثفة والاستفادة من مرونة الدّماغ في هذا العمر للتّخفيف من الأعراض والمشاكل المتعلّقة بالتّوحّد.
حول موضوع التّوحّد لدى الطّفل(أسباب-أعراض- علاج) نلتقي الدكتورة منال شوك دكتوراه بتأهيل النّطق والسّمع وذوي الاحتياجات الخاصّة من جامعة City الأمريكية، دكتورة معتمدة بالكادر التدريسي لكلية كينجيستون البريطانية بلندن، ممثّل مؤسّسس عن سورية في الشبكة العربية لمبادرات ذوي الهمم.
أهمّ أسباب التّوحّد
تفتتح الدّكتورة منال حديثها : “من أهم الأسباب الّتي تؤدّي إلى مرض التّوحّد: اعتلالات وراثية حيث اكتشف الباحثون وجود عدّة جينات يرجح أن يكون لها الدّور في التّسبب بمرض التّوحّد، كذلك وجود فرد مباشر من العائلة مصاب بالتوحّد، أحد الأسباب أيضاً أن يكون الأب والأم كبار في السّن، ونأخذ بعين الاعتبار انخفاض وزن الطّفل عند الولادة، وقد يكون التعرض للمعادن الثّقيلة والسموم البيئية دور أيضاً، وأخيراً ممكن توجيه اصبع اتّهام إلى الالتهابات الفيروسية المتكرّرة.”
كيف أعرف أنّ طفلي مصاب بالتوحّد
” نلاحظ على الطّفل التّوحّدي الأمور التّالية: العدائية، الاندفاع، جرح النّفس، استجابة مبالغ فيها تجاه الأصوات والروائح والألوان والملمس، نوبات غضب، عادات طعام غير طبيعية، مشكلات في الجهاز الهضمي مثل الامساك،لا يتواصل ولا يتفاعل مع المحيط فهو لا يستجيب عند مناداته باسمه ويرفض الإمساك بيده ، له عالمه الخاص حيث يفضل اللعب بمفرده ،ونلاحظ تأخر الكلام، وفي عمر معين يفقد قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات التي كان يقولها ،يكرّر طفل التّوحد بعض الكلمات بدون أي حاجة لذلك، كما أنّه لا يستخدم يديه للإشارة إلى الأشياء، ولا ينظر إلى الأشياء التي نشير اليها نحن، بالإضافة إلى أنّه لا ينظر إلى أعيننا مباشرة، وليس لديه تواصل بصري ، يحاول ضرب راسه بالحائط أو الخدش أو العض.” هكذا أخبرتنا الدّكتورة منال الشّوك عن العلامات الّتي تشير إلى الطّفل التّوحّدي.
ماذا نفعل بعد ظهور علامات التّوحّد
في حال ظهور علامات التّوحد على الطّفل تتابع الدّكتورة منال حديثها حول خطط العلاج: “يجب أن نرافق الطّفل إلى المراكز المختصّة؛ لإجراء التّشخيص والتّقييم والفحص حسب المقاييس العالمية لمعرفة شدّة المرض، وبعدها وضع خطط علاجية فردية تنفّذ في المركز، و تتابع مع الأهل بالمنزل . وهو يحتاج إلى برنامج فردي خاص لتعديل السلوك و الاستفادة من الأمور الإيجابية لديه وتعزيزها، ومن جهة أخرى تصحيح الأمور السلبية لديه، كما نضع برنامج لعلاج مشاكل التّواصل الاجتماعي، و برنامج آخر لتنمية المهارات، كذلك نعمل على علاج تأخر النّطق لديه، وعلاج التخلّص من الببغائيّة ، ومساعدته على توظيف الكلمات بمكانها الصّحيح، كما نحتاج لتهدئة وعلاج فرط النّشاط، ونوبات الغضب لديه.”
دور الأهل في علاج التّوحّد
تختتم الدكتورة منال الحوار : “هنا نطلب من الأبوين تحفيز الطّفل على المهارات الاجتماعيّة مثل: اللعب مع الأطفال، إشراكه في الأعمال المنزليّة، معاملته مثل أقرانه، لا نتركه لوحده في عالمه الخاص، لا بل نحادثه بكلمات موظّفة بشكل مستمر، ويجب أن نخبر الأشخاص المتواجدين في محيطه بمرض الطّفل لكي يتعاملوا معه بطريقة سليمة تراعي وضعه، و في النّهاية كلّما كشف المرض باكراً، وقمنا بالتّدخل المبكّر، والتّعاون بين الأهل والمراكز كلما كانت نسبة نجاح العلاج اكبر.”
التعليقات